باستثناء بوست على صفحته الخاصة في «فيسبوك» كتبه المعارض السوري سمير نشار يرد فيه على تصريحات وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم حول «المعارضة السورية» التي وصفها بـ«السَلَطة»، لن تجد أي رد من أي كيان في المعارضة أو شخصية سياسية أو من الائتلاف وحتى هيئة التنسيق مرورا بكل التشكيلات الأخرى، الجميع قبل النص مع الاحتفاظ بحق التعليق.
وقصة نشار مع قطر شخصية بحتة لذلك يمكن فهم رده على تصريحات حمد بن جاسم أنها من منطلق شخصي لا وطني سياسي، ففي أحد اجتماعات الدوحة تم طرده من جلسات المعارضة بسبب اعتراضه على الرعاية القطرية لكل تفاصيل المعارضة، ما دعا القائمين على أعمال مؤتمرات المعارضة إلى طرد نشار من القاعة لكثرة الاعتراضات وتعطيل المشاورات بين الأحزاب والقوى السياسية.
بالعودة إلى تصريحات الشيخ حمد بن جاسم لقناة «القبس»الكويتية التي قال فيها: إن المعارضة السورية مع الأسف كانت فيها «تجارة» و«بزنس»، لكن هناك من هم شرفاء وأصحاب نوايا جيدة، لكن مع كل ذلك انتهى وصف الشيخ حمد للمعارضة السورية بالقول: «حقيقة كان سَلطة.. سَلطة.. سلطة»؛ كررها ثلاثا بصوته المتهدج، والحقيقة أنه كان رحيما رؤوفا بها حين اكتفى بهذا الوصف.
أمام المشهد المؤسف للمعارضة السورية، هناك عشرات الأسئلة عما آلت إليه تلك المعارضة التي لم تعد تعجب لا الدول ولا الشعب السوري، وفي بعض الأحيان لم تعد تعجب نفسها باعتراف العديد منهم.
شخصيات عميقة ذات وزن كبير في المعارضة – لا داعي لذكرها- صمتت أمام هذه التصريحات، منها من يقيم في الدوحة ومنها من هو خارجها، كل الشخصيات لاذت بالنوم والتغافل، ولم تبرر موقفها من هذا الحال الذي وصلت إليه، ويعرف الجميع أن أحدا لن يجرؤ على الكلام والسبب ما بين الخوف من الاعتراض وكذلك حقيقة ما قاله الشيخ حمد، وهذه المصيبة الأكبر.
لم يكن الوزير القطري قاسيا بل كان متعاطفا في هذا الوصف، فهو الصندوق الأسود للمعارضة السورية منذ تأسيس المجلس الوطني إلى الائتلاف وبقية التشكيلات الأخرى، وبالتالي كان ما قاله «غيض من فيض» ويعرف السوريون تماما أن حديثه نقطة في بحر المعارضة.
نحن هنا لسنا بصدد كيل الاتهامات للمعارضة السورية الطفولية في معظم جوانبها –وليس بكل أطرافها- لكننا في لحظة الكشف عن سبب هذا الوهم والتشرذم والتخاصم والصراع الذي لن يخدم إلا بقاء النظام السوري ويضمن ذرائعه بأنه ما من معارضة سورية واحدة.
ما من وصفة سحرية لجمع وتوحيد المعارضة، وقد حاولت الكثير من الدول العمل على هذه الوحدة بين كل الأطراف، ومن هذه الدول المملكة العربية السعودية التي جمعت في مؤتمر الرياض نهاية العام 2015 كل الأطراف السياسية والعسكرية على مائدة واحدة وأنتجت هيئة التفاوض التي لم تدم طويلا، فالوصفة المفيدة هي توحيد الأهداف وترك الصراع على القيادة والمنافع الشخصية أو الفئوية أو الحزبية بمعنى أدق.
كان وزير العدل الليبي مصطفى عبدالجليل الشخصية الوحيدة التي أجمع عليها الليبيون في خضم الصراع ضد معمر القذافي بعد أحداث 17 فبراير، إذ مثل عبدالجليل المعارضة الليبية في الخارج والداخل، وطمس كل معالم الصراعات الجانبية لتوحيد الجهود للتخلص من نظام القذافي، ونجح بذلك وبعدها تنحى عن كل المناصب، بينما غرقت المعارضة السورية منذ البداية في التفاصيل وانغمست في الصراع على القيادة والهوس بالتشكيلات السياسية، وبقي الأسد متربعا على عرش الجماجم.